بعث اليوم رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، عبر له فيها عن إدانة جبهة البوليساريو الشديدة لقيام أجهزة القمع المغربية بهدم وإشعال النيران في العديد من المنازل الريفية والأكواخ التي تملكها عائلات صحراوية في المناطق الصحراوية المحتلة.
وأكد رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة على أن موجة التصعيد هاته تعد فصلاً آخراً من إرهاب الدولة الممنهج وسياسة الأرض المحروقة البشعة التي تمارسها دولة الاحتلال المغربي من خلال مصادرة الأراضي وهدم منازل الصحراويين وحرق خيمهم وتدمير سبل عيشهم وممتلكاتهم وقتل مواشيهم وتحويلهم إلى لاجئين ومشردين فوق أرضهم.
وفي الختام، ذكر رئيس الجمهورية والأمين العام للجبهة بالمسؤولية القانونية والأخلاقية الخاصة التي تتحملها الأمم المتحدة وأجهزتها تجاه شعب الصحراء الغربية بوصفها إقليماً خاضعاً لعملية تصفية استعمار لم تُستكمل بعد، ودعا الأمين العام إلى تفعيل تلك المسؤولية، بما في ذلك من خلال إنشاء آلية أممية مستقلة لحماية حقوق الإنسان في الإقليم الذي تواصل فيه بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) العمل دون أي قدرة على مراقبة حقوق الإنسان.
:و فيما يلي النص الكامل للرسالة
السيد أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة
الأمم المتحدة، نيويورك
بئر لحلو، 19 فبراير 2024
السيد الأمين العام،
أكتب إليكم من جديد وبقلق بالغ لألفت انتباهكم وانتباه أعضاء مجلس الأمن على وجه الاستعجال إلى الوضع الخطير بشكل متزايد في الأراضي الصحراوية المحتلة في ظل تصعيد دولة الاحتلال المغربي لحرب الإبادة التي تشنها ضد الشعب الصحراوي منذ احتلالها العسكري غير الشرعي للصحراء الغربية في 31 أكتوبر 1975 والتي اشتدت حدتها منذ انتهاك دولة الاحتلال ونسفها لوقف إطلاق النار للعام 1991 في 13 نوفمبر 2020.
وتشير آخر التقارير الواردة من المناطق الصحراوية المحتلة إلى أن قوات القمع المغربية من درك وشرطة وقوات مساعدة تقوم منذ بداية الأسبوع الماضي بهدم وإشعال النيران في العديد من المنازل الريفية والأكواخ التي تملكها عائلات صحراوية بساحل مدينة العيون المحتلة، كما تبين ذلك الصور المرفقة. وفي نفس الوقت، تواصل سلطات الاحتلال المغربية مصادرة أراضي شاسعة للصحراويين وتسليمها للمستوطنين المغاربة والمستثمرين الأجانب بهدف فرض الأمر الواقع الاستعماري المغربي.
تدين جبهة البوليساريو بشدة موجة التصعيد الجديدة ضد المواطنين الصحراويين في المناطق الصحراوية المحتلة التي تعد فصلاً آخراً من إرهاب الدولة الممنهج وسياسة الأرض المحروقة البشعة التي تمارسها دولة الاحتلال المغربي من خلال مصادرة الأراضي وهدم منازل الصحراويين وحرق خيمهم وتدمير سبل عيشيهم وممتلكاتهم وقتل مواشيهم وتحويلهم إلى لاجئين ومشردين فوق أرضهم.
كما تذكر جبهة البوليساريو من جديد أنه، وبسبب خرق دولة الاحتلال المغربي ونسفها لوقف إطلاق النار منذ 13 نوفمبر 2020، فإن كامل أراضي الجمهورية الصحراوية، بما في ذلك مجالها البري والبحري والجوي، تبقى منطقة حرب مفتوحة. وتحذر جبهة البوليساريو من جديد جميع بلدان العالم ورعاياها من أخطار القيام بأي نشاط من أي نوع كان في التراب الوطني الصحراوي وتحملهم مسؤولية العواقب التي قد تنجم عن ذلك.
إن موجة التصعيد الأخيرة ضد المواطنين الصحراويين هي أيضا شكل آخر من سياسة تطهير عرقي موجهة وواضحة تُمارس في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. فمنذ اليوم الأول لاحتلالها العسكري غير الشرعي للصحراء الغربية في أكتوبر 1975، استخدمت قوات الاحتلال المغربية أبشع أساليب القتل الجماعي، حيث دفنت الناس أحياء في مقابر جماعية وألقت بهم من طائرات الهليكوبتر بالإضافة إلى قصفها الموثق للمدنيين بأسلحة محظورة دولياً بما في ذلك ذخائر النابالم والفوسفور الأبيض.
كما لم تكتفِ دولة الاحتلال المغربي بإغراق المناطق الصحراوية المحتلة بآلاف المستوطنين المغاربة في خرق سافر للقانون الدولي الإنساني، بل عمدت إلى تبني سياسة إبادة جماعية تهدف إلى اقتلاع الصحراويين قسراً من أراضيهم وتهجيرهم بالقوة وتوطين المزيد من المستوطنين المغاربة في الإقليم بهدف مُعْلن هو القضاء على الشعب الصحراوي ومصادرة أرضه وحقه في الوجود وفرض الأمر الواقع الاستعماري المغربي بالقوة في الصحراء الغربية المحتلة.
وإلى جانب استمرار سياسة الاستيطان المتواصلة والسيطرة الكاملة للمستوطنين المغاربة على جميع مناحي الحياة في المناطق الصحراوية المحتلة، استمرت دولة الاحتلال، بل وزادت من جرائمها البشعة ضد المدنيين الصحراويين، بما في ذلك القتل الجماعي والتعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفيين والإعدام خارج نطاق القانون والتهجير القسري والتشريد وتدمير ونهب وسرقة الممتلكات الخاصة ومصادرتها، بالإضافة إلى الهجمات العسكرية ضد المدنيين.
إن هذه الممارسات تشكل جميعها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وجريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان رغم محاولة دولة الاحتلال المغربي حجب جرائمها البشعة عن العالم من خلال فرض حصار عسكري وتعتيم إعلامي كامل على المناطق الصحراوية المحتلة ومنع وصول هيئات الأمم المتحدة والمقررين والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية والمراقبين إلى الإقليم.
كما تستمر سلطات الاحتلال المغربية في انتهاج سياسة التفقير والتجويع وما يرافقها من قمع وممارسات ترهيبية وانتقامية وفظائع يندى لها الجبين ضد المدنيين الصحراويين ونشطاء حقوق الإنسان الذين يتعرضون لفصلهم من العمل وحرمانهم من حرية التنقل وترحيلهم قسراً إلى خارج الإقليم بسبب دفاعهم السلمي عن حق شعبهم في تقرير المصير والاستقلال.
وفي هذا الإطار، نلفت انتباهكم وانتباه أعضاء مجلس الأمن إلى الوضعية الحرجة للسجناء السياسيين الصحراويين بسبب الظروف المزرية التي يعيشون فيها في سجون دولة الاحتلال المغربي والممارسات المهينة والانتقامية التي يتعرضون لها من قبل إدارة السجون المغربية.
وإننا لندعوكم مرة أخرى إلى التحرك بشكل عاجل لإنهاء معاناة جميع السجناء السياسيين الصحراويين، بما فيهم مجموعة أكديم إزيك، وضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم حتى يتمكنوا من العودة إلى وطنهم ولم شملهم مع عائلاتهم.
وكما أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً وتكراراً، تقع على عاتق الأمم المتحدة وأجهزتها ذات الصلة مسؤولية خاصة تجاه شعب الصحراء الغربية بوصفها إقليماً خاضعاً لعملية تصفية استعمار لم تُسْتكمل بعد. إننا ندعوكم من جديد وبإلحاح إلى تفعيل المسؤولية القانونية والأخلاقية للأمم المتحدة تجاه الشعب الصحراوي، بما في ذلك من خلال إنشاء آلية أممية مستقلة لحماية حقوق الإنسان في الإقليم الذي تواصل فيه بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) العمل دون أي قدرة على مراقبة حقوق الإنسان.
إن استمرار دولة الاحتلال المغربي في ارتكاب جرائمها البشعة ضد المدنيين الصحراويين، بدون محاسبة أو عقاب، وأمام صمت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يقوض بشكل خطير آفاق عملية السلام المتعطلة أصلاً ويغلق الباب أمام الحل السلمي المنشود.
إن حملة القمع الأخيرة ضد المواطنين الصحراويين في المناطق الصحراوية المحتلة تشير إلى نية دولة الاحتلال المغربي في تصعيد سياستها للتطهير العرقي من خلال قلب البنية الديمغرافية في الإقليم وتشريد الصحراويين من جديد وإجبارهم على العيش كأقلية داخل بلدهم في أحياء شبيهة بالغيتوهات التي عرفها العالم في أوضاع استيطانية واستعمارية مشابهة، بينما يبقى الهدف الرئيسي المُعلن هو القضاء على الشعب الصحراوي وتقويض المركز القانوني والدولي لقضية الصحراء الغربية.
وتحمل جبهة البوليساريو دولة الاحتلال المغربي كامل المسؤولية عما قد ينجم عن سياسات الضم بالقوة التي تنتهجها في الصحراء الغربية المحتلة وكذا حربها العدوانية المتواصلة ضد الشعب الصحراوي والتي—إن لم يُوضع لها حد—فإنها سوف تغرق المنطقة برمتها في مزيد من العنف وعدم الاستقرار.
وأرجو ممتناً إطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة.
وتفضلوا، السيد الأمين العام، بقبول أسمى آيات التقدير والاحترام.
إبراهيم غالي
رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
الأمين العام لجبهة البوليساريو. (واص)
09