48

الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية

 

 

تعود أسباب النزاع المغربي الصحراوي إلى تعارض مطلبين أحدهما يقدمه المغرب مدعيا حقوقا تاريخية في الصحراء الغربية،  و الثاني يؤكد و يدافع عن حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير و الاستقلال.

تقدم المغرب بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة و إلى الحكومة الإسبانية في 23 سبتمبر/ أيلول 1974 لإحالة ملف الصحراء الغربية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ، لتبدي رأيا استشاريا لتعزيز مطالبته بما يسميه (حقوقه التاريخية على الإقليم). و بعد أن وافقت الجمعية العامة على الطلب المغربي ، أحالته على المحكمة الدولية المذكورة و التي عقدت 27 جلسة علنية من 25 يونيو/ حزيران و لغاية 30يوليو/ تموز 1975 و أعلنت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في 16 أكتوبر/ تشرين أول 1975  في 60 صفحة ، بعد تفكير عميق و جاد تناول بالفحص و التدقيق كل حيثيات الموضوع – في حدود الادعاءات و الوثائق المقدمة إليها- مرفقا بالكثير من الآراء الشخصية للقضاة و فيما يلي خلاصته:

الجواب على السؤال الأول : غداة استعمارها من طرف إسبانيا سنة 1884) لم تكن الصحراء الغربية أرضا بلا سيد لأنها كانت مأهولة بسكان على الرغم من بداوتهم كانوا منظمين سياسيا و اجتماعيا في قبائل و تحت سلطة شيوخ أكفاء بتمثيلهم. و أسبانيا نفسها لما أقامت (حمايتها) تذرعت باتفاقات مبرمة مع الشيوخ المحليين.

و قبل الإجابة على السؤال الثاني (ما هي الروابط القانونية التي كانت تربط المنطقة المذكورة و المملكة المغربية و المجموعة الموريتانية؟) ، فإن المحكمة حددت " كروابط قانونية " كل الروابط التي يمكنها أن تؤثر على السياسة التي يجب إتباعها لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية . و حول السؤال المحدد المتعلق بالروابط مع المملكة المغربية ، أوضحت المحكمة أنها تأخذ بعين الاعتبار:

01 ـ أن المملكة المغربية تدعي وجود روابط سيادة بالصحراء الغربية نابعة من حيازة تاريخية للإقليم.

02 ـ أنها وضعت في الحسبان الهيكلة الخاصة للدولة المغربية في تلك الحقبة التاريخية.

 

و بعد أن فحصت الأحداث الداخلية ( تعيين القادة، جباية الضرائب، المقاومة المسلحة و حملات السلاطين...) التي قدمها المغرب كإثبات لسيادته التاريخية على الصحراء الغربية، و الأحداث الخارجية ( معاهدات، اتفاقات، و مراسلات دبلوماسية ) التي اعتبرها المغرب تأكيدا لاعتراف دولي من حكومات أخرى بتلك السيادة التاريخية، توصلت المحكمة إلى أن كل ذلك لا يقوم دليلا على وجود روابط سيادة إقليمية بين المغرب و الصحراء الغربية، بالرغم من وجود علاقات تبعية ( روحية ، دينية) بين بعض قبائل المنطقة و السلطان . و خلصت إلى القول" بأن جميع الأدلة المادية و المعلومات المقدمة للمحكمة، لا تثبت وجود أية روابط سيادة إقليمية بين أرض الصحراء الغربية من جهة ، و المملكة المغربية أو المجموعة الموريتانية من جهة أخرى . و عليه فإن المحكمة  لم يثبت لديها وجود روابط قانونية، من شأنها أن تؤثر على تطبيق القرار (XV)1514 المتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، و على الخصوص تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر و الحقيقي عن إرادة سكان المنطقة.