الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
نشرت وزارة الخارجية المغربية بيانا ثانيا، يوم أمس، تبرر فيه مقاطعة بلدها قمة تيگاد 8 وتتحامل فيه علي الدولة المضيفة لإستقبال رئيسها، السيد قيس سعيد، لنظيره الصحراوي، السيد ابراهيم غالى.
بيان وزارة الخارجية المغربية تعمد قلب الحقائق وتزوير الوقائع والبناء على المغالطات.
01 ـ المغالطة الاولي تتجلي في كون منتدى طوكيو الدولي للتنمية في افريقيا، المعروف اختصارا ب “تيكاد”، يشكل شراكة مؤسساتية تم إبرامها بين الإتحاد الأفريقي ودولة اليابان، وهذا ما أخفاه البيان المذكور حيث أن هذه الشراكة ليست كباقي الشراكات مع الدول بصفتها الفردية، كما هو الحال مع الصين وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية وروسيا وغيرهم، حيث لا يربطها تعاقد مؤسساتي مع الاتحاد الأفريقي.
02 ـ المغالطة الثانية تتعلق بمسألة الدعوة. فلا اليابان كشريك الإتحاد الأفريقي ولا تونس الدولة المضيفة تمتلكان بشكل حصري حق إرسال الدعوة للدول الأعضاء في المنظمة القارية المتعاقدة مع اليابان، لأن الحضور حق لصيق ومرتبط بالعضوية. وبالتالي، فعندما يقرر الإتحاد الأفريقي تنظيم مؤتمر، باتفاق مع أي شريك آخر، يصبح حضور الدول الأعضاء أوتوماتيكا، إلا من أراد منهم أن يتغيب بقرار سيادي.
فكل طرف شريك يوجه دعوة لأعضائه، يتم فيها تحديد تاريخ ومكان الحدث، عندما يتعلق الأمر بمنظمة – الاتحاد الإفريقي في هذه الحالة -. أما إذا كان الشريك دولة بصفة فردية فقط، فهي مدعوة تلقائيا باعتبارها الطرف الثاني في الشراكة.
03 ـ المغالطة الثالثة متعلقة بالقفز على حقيقة أن الجمهورية الصحراوية توصلت كباقي الدول الأعضاء بدعوة من المفوضية، وهو ما حصل منذ سنة 2017. وتوصلت بدعوة ثانية من لدن رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي، السيد موسى فكي، موجهة إلى السيد ابراهيم غالى، رئيس الجمهورية الصحراوية، يدعوه فيها للحضور شخصيا إلى قمة تونس.
04 ـ المغالطة الرابعة هي تسويق الدعوة الموقعة من طرف رئيس الدولة المضيفة والشريك الياباني على أنها ملزمة قاونوناً، وأنها تحل محل دعوة المنظمة لأعضائها، في حين أن المبادرة التونسية اليابانية بتوجيه الدعوات إنما تدخل في إطار تعبئة أكبر عدد من الدول للحضور على أعلى المستويات، لما لذلك من أهمية بالنسبة لتعزيز الشراكة بين الطرفين ونجاح القمة. فقد جرت العادة كذلك على أن الدول التي تستضيف مثل هذه المؤتمرات تسعى دائما لجلب أكبر عدد من المشاركين، وهي مسألة هامة تظهر مكانة الدولة ومستوى علاقاتها على الصعيد الخارجي، كما تشكل مناسبة كبيرة لتقديم قدرات الدول وثقافة شعوبها.
05ـ اما عندما يذكر البيان الثاني للخارجية المغربية بأن الرئيس التونسي استقبل الرئيس الصحراوي بنفس الحفاوة ونفس البروتوكول الذي استقبل به الرؤساء الآخرين، ويعتبر ذلك استفزازا لمشاعر الشعب المغربي، فإن البيان المذكور يغالط ويزور الحقائق، لأن إحدى واجبات وشروط دول المقر أو الاستضافة، طبقا لجميع الاتفاقيات والأعراف الديبلوماسية، يتجلى خصوصا في الالتزام بمعاملة جميع المشاركين على قدم المساواة، بغض النظر عن طبيعة وحالة العلاقات الموجودة.
ومن كل ما سبق لا بد من إبداء الملاحظات التالية:
01 ـ انه يحسب لتونس ولرئيسها السيد قيس سعيد أنها، وللتاريخ، احترمت الالتزامات المترتبة عن قبولها باستضافة قمة تگاد، المتعددة الأطراف، وأنها أثبتت عن جدارة قدرتها على تنظيم مثل هذه المؤتمرات بكل جدية ومهنية، مع مراعاة الحياد ومعاملة جميع الدول بنفس البروتوكول حسب مستوى تمثيلها، وهو ما يجسد استقلالية القرار التونسي، بالرغم من الضغوط والابتزاز الذى مورس عليها.
02 ـ الملاحظ في التصرف المتهور والصبياني الذي اعتمده المغرب أنه ينم عن هروب إلى الامام وبحث عن شماعة ليعلق عليها هزائمه المترتبة عن مغامرته وورطته في استمرار العدوان على الشعب الصحراوي، واحتلال أجزاء من تراب الحمهورية الصحراوية، في تناقض تام مع قرارات وأحكام جميع المنظمات والمحاكم الإقليمية والدولية، التي لا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، وتقر حق الشعب الصحراوي فى تقرير المصير والاستقلال، بالإضافة إلى منعها حيازة الأراضى بالقوة وخرق مبدأ احترام الحدود الدولية المعترف بها.
03 ـ أن تصرف المغرب في قمة تونس للتيگاد يتباين مع جلوسه إلى جانب الجمهورية الصحراوية في جميع المحافل الاقليمية والدولية منذ سنة 2017، تاريخ انضمامه إلى الإتحاد الأفريقي، سواء كانت على مستوى الاتحاد أو في إطار شراكاته المتعددة، حيث أنه لم يحتج لا على الأمم المتحدة ووكالتها المتخصصة ولا على الإتحاد الأفريقي ولا على الاتحاد الأوروبي ولا على اليابان ولا على غيرها، أين شارك إلى جانب الدولة الصحراوية في عشرات المؤتمرات والقمم والفعاليات.
وبالفعل لم ينسحب المغرب من قمة ابيدجان سنة 2017، ولم يحتج لا على الاتحاد الإفريقي ولا على الاتحاد الأوروبي، عندما جلس ملك المغرب شخصياً إلى جانب رئيس الجمهورية الصحراوية أثناء القمة الخامسة للشراكة بين الإتحاد الأفريقي والإتحاد الاوروبى سنة 2017 ولا أثناء القمة التي جمعت المنظمتين مجدداً في بروكسيل مطلع السنة الجارية.
ومن مابوتو 2017 إلى طوكيو 2018 ويوكوهاما 2019، لم يقم المغرب بالانسحاب ولا بالاحتجاج علي اليابان نفسها، حيث حضرت الجمهورية الصحراوية، على غرار بقية أعضاء المنظمة القارية، بدعوة من الاتحاد الإفريقي.
يبقى أن نؤكد مرة أخرى في الختام أن الورطة المغربية دفعت بدولة الإحتلال إلى إعلان الحرب على دول وشعوب العالم، حيث رهنت علاقاتها مع أي كان بقبول تشريع احتلالها اللاشرعي، والسماح لها بالدوس على مبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني.
إن هذه مرحلة تشكل عادة الممر الاجباري الذي لا بد ان يمر منه كل الاستعماريين والمحتلين، قبل أن يفهموا أن لقصتهم السيئة نهاية حتمية.
بئر لحلو 28 اغسطس 2022