76

العادات و التقاليد

ـ حفل الزفاف:

 

إن حفل الزفاف قديما عند المجتمع الصحراوي لا تعتبر فقط حفل بسيط لعقد قران وزواج؛ فهو قبل كل شيء حدث مهم عند المجتمع ككل، أو يمكن حتى اعتبارها مهرجانا مصغرا يعكس صورة لكل مظاهر الحياة في الصحراء الغربية ثقافيا واجتماعيا. ففي غياب أنشطة ثقافية واجتماعية ورياضية منظمة قديما في الصحراء كانت حفلات الزفاف هي الحدث الوحيد الذي يسمح لمجتمع البادية إن يحتفل ويعرض أنشطته الثقافية والرياضية. فخلال سبعة أيام( مدة الزواج قديما) يتبارى الناس في كل أنواع الثقافة مثل  الشعر والغناء والرقص؛ وفي كل أنواع الرياضة مثل الجري وسباق الإبل والخيل والألعاب التقليدية والرماية.

يتم الزواج في الصحراء الغربية قديما حسب الكثير من الطقوس والعادات؛ فحين تُضرب خيمة الرق و هي الخيمة المخصصة للزفاف يأتي العريس في قافلة من الجمال، ولما يراه أهل العروس يخرجون لاستقباله حاملين قطعا من القماش الأبيض والنيلي تسمى " البند". حين ترتفع البنود يبدأ الفريقان أهل العريس ومن تشيع لهم وأهل العروس- يتجاذبون البنود بالأيدي، والفريق الذي يحصل على أكثر قطع من البند هو الفائز.

 

ـ العقيقة أو الاسم:

 

عندما يزداد المولود و في اليوم السابع يجتمع الأهل والأقارب ويتم ذبح العقيقة أو ما يعرف بالاسم وكذلك ذبح مجموعة من رؤوس الماشية وتجتمع عجائز العائلة حول المائدة ليقترحن اسم المولود وهو ما يسمى في المجتمع الصحراوي «بالعود»، حيث يجلبن ثلاث عيدان ولكل عود منها اسم خاص ويتم إخفاؤها والمناداة على صبي صغير أو إحدى النساء الغائبات في المجموعة لتأخذ واحدا من هذه العيدان للمرة الأولى ثم يتم خلطها جميعا وتختار عودا للمرة الثانية وأيضا للمرة الثالثة والأخيرة، والعود المختار في المرة الثالثة يتم بموجبه إطلاق الاسم الذي سيحمله المولود وعادة ما يسمى المولود على احد أقارب الزوج أو الزوجة، وأحيانا تتدخل الأحلام في فرض اسم ، فقد يأتي أحد الأقارب فيقول أنه رأى في حلمه أن فلانة وضعت مولودا واسمه كذا فلا حاجة إلى العود فالمولود سيسمى بنفس الاسم الذي عرف به في الحلم. وبعد مرور أربعين يوما على ولادة الطفل يتم الاحتفال بإخراجه من منزل والديه إلى منزل أحد أقاربه أو منزل المرأة التي ساعدت في عملية النفاس التي تعتبر بمثابة جدة له، حيث يتم حلق رأسه بطرق مختلفة تبعا لتقاليد الأسرة فهناك من يترك خصلة طويلة من الشعر من بداية الرأس إلى مؤخرته، وكذا خصلتين صغيرتين في الجانبين وهو ما يعرف «بالعرف» مع الاحتفاظ بغرة في مقدمة الرأس وكذا خصلتين بغرة مع الاحتفاظ بغرة في مقدمة الرأس «لگرون»، وهناك من يترك الغرة «الگصة» مع ثلاث «گرون» اثنان منهما على جانبي الرأس وآخر في وسطهما، وهناك من يحتفظ بخصلة دائرية في وسط الرأس «الگطاية» مع تلك الغرة وبعد حلاقة الوليد بإحدى هذه الطرق المختلفة يتم إطعامه بقليل من دسم الماعز ويتم تغيير ملابسه بأخرى جديدة.

 

ـ التويزة:

كلمة التويزة هي كلمة من اصل بربري وشائعة الاستعمال في كل شمال إفريقيا خاصة عند الأمازيغ والبربر والطوارق وتؤدي كلها إلى نفس المعنى وهو " العمل التعاوني لإنجاز مشروع ما" ويقوم بها الرجال والنساء على حد سواء.

في الصحراء الغربية تُحصر التويزة على عمل النساء التطوعي لإنجاز عمل ما يتطلب التعاون مثل نسج خيمة لعائلة جديدة أو نسج حصائر أو قطائف. إن العمل التطوعي لا غنى عنه عند مجتمع النساء الصحراويات لصعوبة المهمة المكلفات بها ولتعدد الخدمات اللاتي يقمن بها والتي لا يمكن إنجازها إلا بتعاون الجارات والقريبات والصديقات.

وفي أعراف المجتمع الصحراوي فإن التويزة التي تنظم من طرف النساء تبقى حكرا عليهن؛ أي أن الرجال لا يتدخلون فيها ابسط تدخل ولا يشاركون فيها، ولا تقف إجراءات العادة هنا فقط، بل أن النساء يقمن برمي أي رجل يمر بالقرب من التويزة بكبة الخيوط، فإذا أصابته عليه أن يدفع غرامة مالية أو يشتري ذبيحة للنساء المشاركات فيها. في اليوم الذي تُقام فيه تويزة في مكان ما يتحاشى الرجال المرور من قربها خوفا من دفع الغرامة، وحتى الضيف- حتى لو لم يكن على علم بالتويزة- إذا مر وأصابته النساء بالكبة عليه أن يدفع الغرامة. وفي حالة ما يرفض رجل ما دفع الغرامة أو شراء ذبيحة تبقى دينا عليه حتى يدفعه.

وتستمر التويزة حتى ينتهي العمل الذي نُظمت من أجله. حين ينتهي العمل في التويزة تُقيم العائلة المستفيدة منها وليمة كبيرة تدعو إليها الجميع رجالا ونساء خاصة النساء المشاركات فيها. إن هدف هذه الوليمة، من جهة، هو إطعام المشاركات في العمل التطوعي، ومن جهة أخرى تدشين للعمل الذي أُنجز في التويزة. وبعد الأكل، تقوم النساء بتحويل المكان إلى حفل مبهج احتفاء بالعمل المنجز وابتهاجا بالتغلب على كل الصعاب.