69

الغزو المغربي

بعد فشل اسبانيا في ترويض شعب الصحراء الغربية وتجاهل كل القرارات الدولية , رضخت في الأخير للأمر الواقع بالانسحاب من الأرض ولكن رغبتها الجامحـة في إذلال الشعب بقيت موجودة وهذا ما يفسره بوضوح المؤامرات الدنيئة التي حاكتها مع كل من المغرب ونظام موريتانيا آنذاك في 14نوفمبر1975 فيما أصبح يعرف باتفاقية مدريد الثلاثية .

ليجد الصحراويون أنفسهم مجبرون على مواصلة كفاحهم المسلح ضد الاحتلال المغربي الموريتاني.

ـ أولا: مرحلة الدفاع الإيجابي 10/1975 الى 06/1976

 بدايـة تكوين جيش التحريـر الصحراوي وتمثلت مهامه الرئيسية في:

01ـ الدفاع عن المواطنين الفارين من بطش القوات الغازية ونقلهم إلى أماكن آمنة , حيث تعرض المدنيون الصحراويون في مناطق أم ادريقة والقلتة والتفاريتي إلى قصف همجي وحشي قام به الطيران المغربي في18 و20 و 23 فبراير 1976 مستخدما قنابل النابالم و الفسفور الأبيض المحظورين دوليا , وقد شهدت هذه المرحلة العديد من المعارك منها:

.  ـ معركة امقالا في   13 و 14  فبراير 1976 والتي قضي فيها على لواء مغربي بالكامل

ـ معـركة جبـال توكات التي دامت 12 يوما حاولت القوات المغربية فيها القضاء على قواعد الجيش الصحراوي بوادي الساقية الحمراء ولكنها فشلت في ذلك.

  ـ معركة لقطيفة بالجنوب المغربي خسرت القوات المغربية فيها ما يزيد على 45 جندي.

  ـ معركة قلتة زمور , اسر فيها النقيب المغربي الزقاي ميمون وبعض جنوده.

    بالإضافة إلى معارك ارغيوة , المطلاني , الحقونية , ادشيرة وتافوردات. ـ

 أمـا على الجبهة الجنوبية , معارك أمقريـن , ازويرات , قور العاديات , وقور لمديلبح , معارك تورين , وطبعا الهجوم التاريخي على انواقشوط العاصمـة الموريتانية الـذي غير مجرى الأحداث على تلك الجبهة , والذي سقط فيه مفجر الثورة, شهيـد الحرية والكرامة ,الأمين العام للجبهة الشهيد الولي مصطفى السيد بتاريخ 09 يونيو 1976.

ـ ثانيا: مرحلة هجوم الشهيد الولي 06/1976 الى 12/1978  

هـذه المرحلة عرفت تنظيم جيش التحرير الشعبي الصحراوي في حسب المناطق الجغرافية لكل قطاع: الجنوب الشرقي , الجنوب الغربي , الوسط , الشمال والشمال الشرقي , وقد طبع هذه المرحلة اشتداد المعارك و بداية توسيع رقعة الحرب لتشمل كل التراب الموريتاني و أقصى جنوب المغرب فعلـى الجبهة الموريتانية وقعت عدة معارك منها:

 . معركة اقليبات لقلية , التي أسر فيها أكثر من 56 جنديا موريتانيا ـ

ـ معركة ازويرات في 01 مايو 1977 تم فيها أسر المتعاونين الفرنسيين بمناجم الحديد الموريتانية.

ـ معركة سبخة أرويديل في 13/05/1977 ضد قوات مغربية موريتانية مشتركة.

ـ معركـة التصدي لحملات المطلاني المشتركة المغربية الموريتانية  قتل فيها الرائد المغربي عبد الكريم الخطابي , وأسقطت فيـها طائرة حربية موريتانية.

  ـ معارك تنوشرت , وأدان , تيجكجة , تيشيت , باسكنو , ما يعتق , اجريف , ظبي بلال , اتميميشات , شوم , إنـال , تشلـة و اوسرد وانواقشوط مرة أخرى.

 في هذه الحالة دخلت فرنسا على خط المواجهة إلى جانب موريتانيا مستخدمة طائرات جاغوار المقاتلة ضد مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي في نهاية العام 1977 وبداية 1978 , ولكن تدخل القوات المغربية والفرنسية لم يمنع من تدهور الجيش الموريتاني وهزيمته , مما دفع بعض الضباط العسكريين الموريتانيين المخلصين إلى الإطاحة بنظام ولد داداه , وإخراج موريتانيا من الحرب بعقد اتفاقية سلام يوم 5 غشت 1979.

 

من هنا نتساءل عن مصيـر اتفـاقية مدريد بعد انسحاب موريتانيا من الحرب ؟ لكن النزوات الاستعمارية للمغرب وسياسة التعنت والهروب إلـى الأمام للملك الحسن الثاني أفضت إلى الاستيلاء على مناطق وادي الذهب التي كان المغرب اعترف بها كأراضي موريتانية وفقا لاتفاقية مدريد.

هـذا على صعيد الجبهة الموريتانية , أما على صعيد الجبهة المغربية خلال مرحلة الشهيد الولي فكانت المعارك يومية ويكفي أنها أجبرت القـوات المغربية على تغيير تشكيلاتها وتكتلاتها أكثر من مرة في محاولة لاسترداد زمام المبادرة , حيث عمدت القوات المغربية إلى تبني الانتشار الواسع بالمناطق الصحراوية والتمركز في كل القرى والمداشر والمدن الكبيرة , ولكن سرعان ما ثبت فشل هذه الخطـة بعد ان أصبحت معزولة عن بعضها ومقطوعة من الإمداد والاتصال.

وتوالت الخطط المغربية الفاشلـة في فرض هيمنتها العسكرية على المنطقة كما فشلت في ذلك اسبانيا وموريتانيا . ولقد كانت العمليات العسكرية الصحـراوية قوية بقوة الحق , شجاعة كشجاعة شعبها , ونذكر منها : معرة العيون , حوزة , اجديرية , لمسيد , طانطان , السمارة , الحقونية , رأس الماء, ابطيح , الشبيكة , الغرد لحمر , أخفنير , قلب بن رزوق , بوكراع , القفلات , واللائحة طويلة جدا.

ـ ثالثا: مرحلة هجمة هواري بومدين 12/1978 الى 10/1984.

 دشن الهجوم الجديد في يومي 16 و17 يناير 1979 بمعركة لمسايل شمال العيون العاصمة , غنم خلالها مقاتلو جيش التحرير الشعبي 650 سلاحا فرديا من نوع فال والكثير من سيارات اللاندروفر ومدافع الهاون و الرشاشات و بعض الشاحنات , وقد عرفت هذه المرحلة أيضا معارك قوية مثل:

ـ معركة أســـــا يومي 09 و 10 مــارس 1979 .

ـ معركـة لبيـرات فـي 27 أغسطـس 1979 التـي وصفتهـا الصحافـة الدولية آنذاك بمعركة ديان بيان فو الصحراوية , لأنهـا كانت مجزرة حقيقية للدبابات المغربية .

ـ معركة السمارة أيام 6/7/8 اكتوبر1979 وفيها تم تحرير 850 مواطنا صحراويا .

ـ معركة المحبس في 14 أكتوبر 1979 وفيها تم تدمير القوات المغربية المتمركزة في الحامية والمقدرة ب 6000 جندي وفيما يلي بعض البيانات العسكرية التي أصدرتها وزارة الدفاع الصحراوية: 

01 ـ بلاغ رقم 710/1979:

 فـي إطار العمل البطولي الرامي إلى استكمـال تحريـر أراضي الجمهورية العربيـة الصحراوية الديمقراطية وطرد أخـر جندي غاز منها , لا تمر لحظة إلا ويسجل فيهـا أبطالنـا المغاوير روائع بطوليـة , تشهد على أن مقاتلي جيش التحريـر الشعبي الصحراوي مقاتلون أسياد ميدان باستطاعتهـم و بدرجـة لا تتصور إحراز مكـاسب في مستوى طموحات شعبنا وفي مستوى التصدي لكـافة الحلـول المشبوهة و أنصـاف الحلـول التي يهدف الاستعمار منها إلى الانتقـاص مـن مطلبنـا الوطنيــة المشروعيـة , وهكـذا فقد التحمت إحدى وحدات جيش التحرير الشعبي خلال يوم 31 ماي 1979 مع قوة ملكية بوادي اخنيفيس الواقع بين الطرفاية وطانطان جنوب التراب المغربي , وقد كانت خسائر العدو كما يلي:

  قتل 85 جنديا مغربيا , وجرح 51 جنديا آخر. ـ

  ـ تحطيم شاحنتين ج م س , تحطيم 8شاحنات فوليرا.

  تحطيم 8 سيارات لاندروفر , و تحطيم مصفحة. ـ

 وقد تم الاستلاء على الوسائل التالية:

شاحنة ج م س , 2 شاحنات لاندروفر , 11 سيارة لاند روفر

مدفع ثقيل عيار 120ملم , مدفع عيار 81 ملم , 3 رشاشات عيار 12,7 ملم , 3 قاذفات للصواريخ , 3 قطع رشاشة من نوع ماك , 5 قطع رشاشة متوسطة من نوع امريكان , ألة كاشفة للألغام , 25 بندقية من نوع فال , 7 بنادق من نوع كلاش.

ـ وتم اسر 9  جنود غزاة.

02 ـ بلاغ بتاريخ 24/8/1979:

 نصب مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي كمينا للقوات المغربية بين الزاك ولبيرات بالجنوب المغربي وكانت النتائج كالتالي:

ـ قتل 240 جنديا غازيا وجرح عدد كبير.

 تحطيم بالكامل الوسائل التالية: ـ

 20 دبابة , 15 شاحنة من نوع ج م س , 20 شاحنة من نوع اينيمونغ , 50 سيارة من نوع لاند روفر , 5 مدافع عيار 75 ملم , 9 مدافع عيار 106 ملم , 4 مدافع هاون عيار 120 ملم , 6 هاونات عيار60 ملم , 3 بطاريات 23 ملم , 12 مدفع رشاش عيار 12,7 ملم , 6 مدافع هاون عيار 81 ملم , 3 رشاشات دوشكا , 3 قطع من نوع ماك , 3 قطع مـن نوع 52 أأ.

وقد استولى مقاتلونا على الوسائل التالية:

6 شاحنات من نوع ج م س , 3 شاحنات من نوع اينيمونغ , 14 سيارة من نوع لاند روفر , 2 بازوكا و 6 مسدسات , 13 جهاز لاسلكي من بينهم جهاز لاسلكي كبير خاص بالطائرات.

. اسر19 جنود مغاربة من بينهم ملازم وضابط صف برتبة مساعد ـ

  ـ بلاغ بتاريخ 14/10/1981

 شن مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي الأبطال هجوما كاسحا على القوات المغربية المتمركزة بقلتة زمور يومي 12 و 13 أكتوبر 1981 أسفر عن النتائج التالية:

. مقتل 210 من الجنود المغاربة ـ

. تدمير كمية كبيرة من العتاد ـ

 ـ إسقاط طائرة ملكية من نوع س 30 مستخدمة في المراقبة و الاستكشاف وقتل ملاحيها  من بينهم نقيب ومساعد.

ـ إسقاط طائرتي ميراج ف1 واسر ملاحيها.

اسر 204  من الجنود الملكيين من بينهم 6 ضباط. ـ

ـ غنم 12 مدفعا ثقيلا عيار106 ملم , 2 مدفع ثقيل عيار 105 ملم ,10 هاونات عيار 81 ملم , 6 رشاشات عيار 23 ملم.

 وتعتبر النتيجة العامة لمعركة القلتة هو القضاء على اللواء الرابع من الجيش الملكي.

وعلى العموم فان مرحلة هجوم هواري بومدين تميزت ب:

  ـ التحول النوعي الـذي عرفته القوات المسلحة الصحـراوية في مجال التنظيم و التكوين  القيادة والإشراف ليتكيف أداؤها مع الظروف الموجودة.

ـ تصاعد العمل العسكري البطولي و اتساع رقعته لتشمل الجنوب المغربي .

ـ فشل القوات المغربية بكل أصنافها سواء التقليدية أو التشكيلات المستحدثة خصيصا لحرب الصحراء وحيث كان لها مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي بالمرصاد.

ـ تمزيق الألوية العسكرية المغربية وتشتيتها مثل ما حدث مع قوات الجنرال احمد ادليمي الذي فر هاربا مـن المـوت بعد هزيمتـه وكذلك قوات الزلاقة التي قتل منها 1351 جندي وأسر 28 آخرين.

 هذه الهزائم المتتالية التي تعرضت لها القوات المغربية أفرزت ميزة جديدة للمرحلة وهي بدء القوات المغربية بناء الأحزمة الدفاعية العنصرية التي قطعت أوصال المنطقة , والتي بدأت حول ما أسموه وقتها بالمثلث النافع ( ضم : العيون ـ السمارة ـ بوجدور) وهنا تتضح النوايا المغربية في نهب ثروات المنطقة و الذي مازال مستمرا حتى اليوم.

ـ رابعا: مرحلة هجوم المغرب العربي الكبير  10/1984 الى 05/1989.

الميزة الأساسية لهذه المرحلة هي مواصلة القوات المغربية لتخندقها خلف الأحزمة وبناء المزيد منها حتى بلغت ستة أحزمة.

أما على مستوى القوات الصحراوية فقد تميزت هذه المرحلة باعتماد حرب الاستنزاف لمواجهة خطة الأحزمة المغربية , وفعلا أعطت أكلها , حيث استطاع جيش التحـرير الشعبي الصحراوي التغلب على الأحزمة وتحويلها إلى خراب و دمار على القوات المغربية ومن المعارك التي وقعت داخل الأحزمة :

 . ـ معركة أم القطا 25/2/1987

 . ـ معركة تشلة في 7/1987

معركة أقليب دول 7/1987 ـ

 . معركة أعظيم أم الجلود في 21/8/1987 ـ

  معارك أم الدقن التي قتل فيها العقيد المغربي لعبيدي عبد السلام ـ

 ـ معارك القلتة , امغالا , في أكتوبر 1989 و غيرها كثير.

 وقد بـرهنت هـذه المعـارك أن أسلوب الأحزمـة ككل الأساليب الدفاعية لن تمنع جيش التحرير الشعبي الصحراوي من مواصلة هجوماته الناجحة , وبالمقابل ازدادت مديونية النظام في المغرب وارتفعت تكاليف الحرب الخاسرة يوما بعد يوم , فقد كانت التكلفة المالية للحرب في 1975 هي 849,9 مليون درهم , وفي 1980 ارتفعت إلي 4,1 مليار درهم , مشكلة بذلك 17,4% من مجموع ميزانية الدولة , لتصل إلى مليون دولار أمريكي في اليوم الواحد في المراحل اللاحقة.

 وهنا نتساءل أيضا ألا يجدر بالمغرب أن ينفق هذه الملايين في مشاريع تنموية داخل المغرب تعود على شعبه بالفائدة وتحقيق فرص عمل لملايين الشباب البطال ؟ لكن النظام الملكي راهن على الحصان الخاسر و زج بالملايين في مغامرته التوسعية , فكم من قتيل وكم من جريح وكم من أسير وكم من الأرامل و الثكلى و اليتامى اليوم في المغرب لا لشيء إلا لأنهم لبوا رغبة ملكية جائرة.